1.     نظرية اللي يجي يجي

هي النظرية التاريخية والكلاسيكية للشعب المصري والتي مارسها عبر القرون. وفي العصر الحديث كانت أوضح ما يكون. رأي عمر مكرم أن اللي يجي يجي، فجاء محمد علي وقام بمذبحة القلعة ولم يعترض أحد، واستمر حكم أسرة محمد علي والياً فسلطاناً فملكاً والكل يتفرج، وحين حاصرت الملك فاروق الفضائح ظل الشعب متمسكاً بمبدئه الخالد، حتى قامت حركة الجيش المباركة عام 1952، وبعد أن نجحت في إقصاء الملك صفق لها فأصبحت ثورة. وكذلك فعل عندما صفق للسادات حين أقصى مراكز القوى الرهيبة في بداية حكمه، وكان مجيء مبارك –بعد حدث استثنائي- بأغلبية كاسحة لعدة دورات متتالية وبنسبة تصويت لا يمكن أن تزيد في الجقيقة على 5%، دليلاً على رسوخ هذه النظرية، والمستمدة من قناعة رسخت مع الوقت هي أن "ياعم دي البلد بلدهم". يتم الدعاية لهذه النظرية عبر وسائل إعلام مختلفة، لأنها مرتبطة بالنظرية التالية.

 

2.     نظرية اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش

وخلاصتها أنه إذا كان لابد لك أن تشارك وتبدي رأيك. فاللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش. وهي النظرية التي يتبناها ويروج لها اليوم بشكل شبه يومي قيادات الحزب، ومن تم استقطابهم من نجوم المجتمع. واللي تعرفه هو جمال مبارك حتى مع ما نعرفه عنه من عدم انحيازه لجماهير الشعب، وعدم إلمامه بقضايا الأمن القومي، والاتهامات له بأنه باع البلد لأعوانه بحيث لم يبق للشعب شيء… يظل عند المروجين لأصحاب هذه النظرية أفضل مما لا تعرفه. من إخواني "يقعد الستات في البيوت"، "ويحط الأقباط في السجن"، و "يلغي السينما والمسرح والكورة"، أو ليبرالي: "يسلم البلد مقشرة للأمريكان"، و "يخربها ويقعد على تلها".

 

3.     نظرية أي حد ثاني أحسن

وهي نظرية حركة كفاية وشباب 6 إبريل و9 مارس، وباقي الشهور… التي تعبر عن موجة سياسية جديدة في عصر ما بعد الأحزاب في مصر. وهي حركة نخبة، أدواتها الفيس بوك، والتويتر وسلالم النقابات، والنوادي. و تقع النظرية على الجانب الآخر من النظرية السابقة. وملخصها أنه ليس هناك أسوأ مما نحن فيه. ورسالتها: أن جمال مبارك هو آخر شخص يمكن أن تتحقق معه مصلحة المصريين. وأن الأحزاب السياسية هي مجرد ديكور لإعطاء مشروعية لنظام متهالك. وأنه يجب تجهيز شخص آخر بسرعة من خارج المنظومة السياسية التقليدية ليتولى مقاليد الحكم. وليس مهماً من هو هذا الشخص، لأنه أي حد ثاني أحسن.

 

4.     نظرية يا فيها يا أخفيها

وهي نظرية الإخوان المسلمين، وهم أساتذة الواقعية السياسية. وأصحاب القلوب والعقول والمكاتب المفتوحة مع الجميع، بداية من أيمن نور وباراك أوباما، وحتى أحمدي نجاد وشافيز. وهذا القلب الكبير لن يضيق على جمال مبارك. وهم يعلمون أن فرصهم محدودة في الحصول على تأييد شعبي كاسح باسم مرشح من عندهم، ورغم أن النظام يساهم في رفع رصيدهم كلما أوغل في تعقبهم وتشويه صورتهم، من قبيل قوله: إنهم خائنون يساعدون فلسطين، أو إنهم متطرفون يصلون الفجر في المساجد.. إلا أنهم يعلمون أن أقصى ما يستطيعونه هو نموذج قريب من نموذج النقابات. وهو أن يكون النقيب ممثلاُ للنظام، وأن تكون الأغلبية في مجلس النقابة للإخوان. ويبدو أن المعادلة مختلفة هذه المرة.. فرئاسة نقابة ليست كرئاسة الدولة، ثم إنهم في النهاية وعند الجد: "جماعة محظورة"، يعني سيف الأمن وقانون الطواريء والأحكام العسكرية مسلط عليهم طوال الوقت. والكل يسعى والحوار قائم والمفاوضات مستمرة.

 

5.     نظرية المرة دي وبس

تبدو الأحزاب السياسية الرسمية أكثر استسلاماً لملف التوريث. وهي تدرك أن الوقت قد مر، ولم يعد بإمكانها أن تستدرك استعداداتها لطرح مرشح مناسب، إلا إذا هبط عليها بالباراشوت من الخارج. مثلاً: محمد البرادعي ينضم لحزب الوفد، أو محمد غنيم ينضم لحزب الكرامة أو الناصري. وحتى هذا لا يكفي. والسياسة التي تتبعها الأحزاب الآن هي سياسة عدم الرضا العام و الامتعاض المستمر. وتصريحات القيادات الحزبية تدور حول هذا المعني: "لا معنى للمشاركة في غياب تكافؤ الفرص وضمانات التصويت"، وسينتهي الأمر بها كما انتهي في كل مرة من 28 سنة أن تعلن إما مقاطعتها للانتخابات أو مشاركتها الشكلية على وعد بالتعويض في المرة القادمة. إن شعار المرة دي وبس الذي ترفعه، والذي يعني لن نعترض عليك يا جمال، لكن لا تفعلها ثانية.. لن يمنعها من أن تطالب كما طالبت دائماً بجزء من الكعكعة، لو لم يكن في الحكومة، فهو بعدد من الأعضاء المعينين في مجلسي الشعب والشورى، وتواجد مستمر في البرامج الحوارية للسيدين الجليلين: عمرو عبد السميع، وعبد اللطيف المناوي.

 

6.     نظرية خليها من المرة الجاية

وصاحبها هو الأستاذ هيكل. الذي لا يعترض على شخص جمال مبارك ولا على خبرته، وإنما يعترض على كونه ابن الرئيس. ومن باب الأمانة والمساواة والنزاهة يرى أن تكافؤ الفرصة لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود الرئيس على كرسي الحكم. ويقترح أن تتم ترتيبات معينة تتيح للسيد جمال أن يتنازل عن الترشيح هذه المرة، دون أن يخرج من الحياة السياسية، ويواصل حضوره القوي على الساحة ليكون المرشح الأقوى في المرة التالية. وهي نظرية تفترض قدراً كبيراً من النزاهة والثقة، وهي عملة نادرة في السياسة المصرية، ولذلك لا تلقى قبولاً واسعاً مع قيمتها الأخلاقية، لا في الحزب الوطني، ولا في المعارضة.. فالكل يفكر بطريقة عصفور في اليد.

 

7.     نظرية يالله يا واد العب بعيد

وهي نظرية الجيش المصري الذي لم يخرج أبداً من المعادلة. إن الكلمة النهائية ستكون للجيش المصري. لو لم يكن لاختيار مرشح من بين رجاله، فعلى الأقل لمباركة المرشح المختار. الجيش هو الوحيد من بين أطراف اللعبة الذي يستطيع أن يقول لجميع اللاعبين العابثين أعلاه.. كفاية لعب عيال يا واد انت وهو. انت بره.. انت جوه.. انت الأول.. انت بعده… ولمن لا يكون على هواه…. يقول بحزم: "يالله يا واد العب بعيد".

 

الأستك

الأستك هو ذلك الحبل المطاطي الذي تتعلق فيه هذه النظريات.. والذي يسمح بمرونته ببقاء حد أدنى من الاستقرار رغم وجود الاختلافات بين النظريات وأصحابها. ومن الواضح أن الجهات المختلفة قد مارست في الفترة الأخيرة عمليات متنوعة من الشد والجذب بحيث أصبح الأستك في أضعف حالاته. وأن التدخل الأمني لجهاز الشرطة إذا كان ناجحاً في الفترة الماضية لصد وتفريق المظاهرات الفئوية المحدودة، ومنع الشد والجذب.. فريما يكون سبباً بتهوره في استخدام العنف، في انفراط العقد في الفترة التالية…

 

وهو السيناريو الذي يرجحه البعض، ويستعد له الجميع، والذي تبقى معه النظريات السابقة مجرد تمارين ذهنية ساذجة، إذ سيكون الامتحان كله من خارج المقرر.

………..