المحاضرة الأخيرة… هي المحاضرة التي قدمها راندي بوتش أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة كارنيجي ميلون في يوم عيد ميلاد زوجته جاي وقد حضرها حوالي 500 شخص، وذلك فور علمه بنتائج تحليل الأورام، وقبل أقل من ثلاثة أشهر من رحيله بعد رحلة صعبة مع مرض سرطان الكبد والبنكرياس.

 

 

 

المحاضرة الأخيرة… هو تقليد تمارسه الجامعات الأمريكية العريقة، وفيها يقوم الأستاذ الجامعي بإلقاء محاضرته الأخيرة لطلبته وذلك قبل تقاعده أو انتقاله إلى العمل في جامعة أخرى…. أما محاضرة راندي بوتش الأستاذ المحبوب والباحث الأول في ديزني لاند، لم تكن بسبب انتقاله إلى جامعة أخرى وإنما بسبب انتقاله إلى عالم آخر تاركاً زوجته وثلاثة من أبنائه (6 سنوات، و 3 سنوات و سنة) هم أعز ما يملك وهو لا يزال في الأربعينات من عمره.

 

تصور كثيرون أن المحاضرة ستكون كئيبة ومليئة بالدموع وكلمات الرثاء، لكن راندي المرح بطبعه والمنطلق بغير حدود نجح في أن يجعلها مختلفة تماماً… مليئة بالدعابة والتعليقات الصادقة والكلمات العميقة…. بعد المحاضرة سألوه هل تمانع أن تعرض هوليود قصة حياتك في فيلم سينمائي… قال: ليس لدي مانع ولكن من أين لهوليود أن تأتي بممثلة بجمال زوجتي لتقوم بدورها. قال لهم أيضاً:  لن تستطيع أن تغير ما تسلمته من كروت اللعب… كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تلعب بها بذكاء. وبعد أن انتهى من محاضرته الملهمة صعدت زوجته على المصعد واحتضنته وسط تصفيق حار، وهمست في أذنه كلمة لم يسمعها أحد… بعد وفاته عرف الناس من الكتاب المنشور عن هذه المحاضرة أنها قالت له: أرجوك لا تمت.

بشكل عام نشعر بالحميمية وتغالبنا الدموع إذا استمعنا لنصائح من شخص نعرف أنه على وشك الرحيل… لأنه يستعد لما هو أهم من أن يقدم لنا نصائح مغشوشة يحصل بها منا على مصالح تافهة… أما إذا كان هذا الشخص هو راندي بوتش الذي يمثل قصة نجاح خاصة في عالم تكنولوجيا المرح والألعاب، وفي عالم التدريس الجامعي… فإن قيمة الصدق هنا تتوحد مع قيمة الابتكار والإبداع والخبرة.

فيما يلي نقاط مختارة من أهم ما جاء في محاضرته التي يمكن الاستماع لأجزاء منها على اليوتيوب، كما يمكن شراء الكتاب مترجماً إلى العربية، ويمكن أيضاً زيارة موقعه: http://www.thelastlecture.com/

 

        لا تفكر كثيراً في سوء أوراق اللعب (الكوتشينة) التي تسلمتها، فأنت لن تستطيع تغييرها… فكر أكثر في كيف تلعب بها بأفضل طريقة.

        كلنا يخطيء… إذا كنت في مكان لا تتلقى فيه النقد أبداً فهذا لا يعني أنك تفعل الصواب وإنما يعني أن ما تفعله لا يلفت اهتمام أحد.. إذا كنت تتلقى النقد باستمرار فهذا يعني أنك في المكان الصحيح لأن هناك من يهتم بك وبما تفعل.

        كل النساء يبحثن عن كلمات الغزل والغرام من الرجال… أنا أقول لكل فتاة: لا تلقي بالاً لما يقوله الرجل لك… فقط انظري ما الذي فعله من أجلك.

        نظن أن جدران مسكننا تجعلنا في عزلة عن الآخرين… الحقيقة أن الجدران لا تعزلنا لكنها تمنع أخطاءنا من أن تتسرب إلى الخارج وتفضحنا.

        لماذا تسمي إخفاقاتك فشلاً… سمها: المزيد من الخبرة.

        لو طلبت مني نصيحة موجزة فستكون: "كن صادقاً"… ولو طلبت زيادة فسأضيف إليها: "في كل الأوقات"

        حتى ويدي مرتعشة بفعل المرض وأثر العلاج الطبي… فأنا أنتهز كل فرصة لأكتب بخط يدي كلمة شكر وتقدير لكل من أسدى لي معروفاً… لن تصدقوا مدى السحر الذي تصنعه هذه الكلمات لمن تصل إليه.

        الأطفال في حاجة إلى أن يشعروا بحب آبائهم لهم. حتى بعد أن يرحلوا يمكن للآباء أن يقدموا لأبنائهم الحب من خلال ما تركوه لهم من ذكريات جميلة.

        عندما كنت في الخامسة عشرة وأعمل في جمع ثمار الفراولة كنت أشعر ببعض التبرم من ممارسة هذه المهنة الحقيرة، حينها تعصب علي أبي كما لم يفعل من قبل وعلمني أن العمل اليدوي هو أرقى أنواع العمل… وأنه يفضل أن يراني أعمل بالفأس على أن يراني قابعاً خلف مكتب أنيق أوزع نظرات التفاخر والتباهي على الآخرين.

        لا أسوأ على أبنائك من أن تحدد لهم أحلامهم. دع ابنك يمارس هوايته حتى لو كانت الشخبطة على جدران الغرفة. لا تضغط على ابنك ليذهب للفراش مبكراً إذا كان يسهر فيما يساعده على تحقيق حلمه.

        لم تقابلني مشكلة لم أجد لها حلاً… لا تيأس وفكر جيداً ستجد الحل بين يديك.

        الغرور يضعف من قيمة إنجازاتك مهما كانت عظيمة.

        أنت بحاجة للآخرين. لا أحد يستطيع أن يكمل المشوار وحده.

        أعتمد على ويكبيديا في معظم ما أريده من معلومات.

        الشكوى والتذمر والاعتراض أسلحة العاجزين… ولن تجلب إلا مزيداً من الشقاء.

        الأهم من أن تبدأ رحلتك… أن تختار لها التوقيت المناسب.

        لا تبدأ بالخبر السيء… ردة الفعل الأولى هي التي تبقى في الذاكرة.

        يمكنك أن تتجاوز أقرانك بمراحل… إذا عملت لبضع دقائق يومياً أكثر منهم.

        لا تستهن بكلمة شكرا. قد تكون الهدية رخيصة وبسيطة… لكنها تترك أثراً رائعاً.

        الحياة قصيرة… فلا تقل لأحبابك لا.

………………

……………….

…………….

 

 

في 25 يوليو 2008 انتقل راندي إلى دار الخلود.

 

أفكر من الآن في محاضرتي الأخيرة.